مصطفي محمد مظلوم. سفر ودخان
سفر و دخان
أنا رائحة الحزن
تخنقني
أحترق وجعاً بداخل
الرماد
لعنة السنين ترسمني
صدمة كبرى
للعابرين
الويل يراقصني بأسطره
بدخان غربتي
أنا لست أنا
أنا لست سوى بقايا
دخان احتراقي بتمرد
القصيدة
ألملم من حولي فوضى
ذاتي
ابعثر لحمي ورائي
على طريق رحلتي
العبثية
أخوض ملحمة
فاجعتي بسكرة
ليلتي مع الزمن
و اسهو بألم جرحي
للبعيد
أسيرُ بأمسي المخمور
بين هضبات الذاكرة
المتعبة
أبحث عن ثوب كأبة
وداعي
و لا يهمني كم مضى من
الوقت بكارثتي
فالوقت يسرقني من ذاتي
المدفون منذ
البعيد
يخبرني ذاك الغراب بأنه
كان يسير خلفي منذ
الأزل
ليحطمني حزناً و
ألماً على وجه
الريح
تراقبني أشجار النخل بظلها
الناقصة المبعثرة
و تبكي خلف قافلتي
المسافرة
نحو المجهول
تدفعني رياح الضياع
نحو أحضان رمال
الصحراء العائمة
بثوبها الصفراء
أتكل بتعبي على ظلي
الشارد بضياعي
بعمق تلك المسافات
البعيدة
أسيرُ على خطى البعير
و رأسي في الرمال
و أحمل فوق ظهري حقائب
العذاب
لتلك السنين الشاقة
و دائماً أحاول الصمود في
وجه شتاتي
شتائي تسقطني مطراً كالقطرات
التائهة
على طرقات السفر برحلتي
الطويلة
الليل يذكرني بقدوم الشبح
من خلف ظلام
أحلامي
و النجوم تكتب لي مسير
رحلتي المشؤومة
أنا لا عنوان محدد بطريقي
كي أقصده
ولا أحد يسرقني من جرح
وحدتي
فكل الدروب تشتتني في
الهلاك
تمحو من أمامي كل محطات
الوصول
فكل المحطات تضللني بموكب
الرحيل
و قطار العمر دائماً تسبقني
بآلاف السنين
تسرقني كأس الثمل من
واقعي المر
فأتوه بذاكرتي
بين لحظات جنوني و
حماقاتي
أركضُ بدموعي بضفاف نهر
الحجارة وحيداً
أختبئ مع اسمي في غابات
الظنون و الأوهام
أتسلق وجه السماء بحسرة
نظراتي
أقف على قمم جبال
أحزاني
أمدُ يدي نحو
السماء
أصرخ بوجه الأقدار
أنادي بغضبي
من أنا
لأبكي دائماً بجانب
قبري المنسي
فتحملني سراب
الصدى
جرحاً تائهاً على دروب
الخيبات
أمام عتبة السماء
الزاحلة من عرشها
المسكون
و أستغرب من خطى
أقدامي
و كيف هي
دائماً
تجرُ وراءها فشلي و سوء
تقديري
دائماً أرجع بذاكرة القصيدة
لأمس المدفون
علني أرجع بنفسي من أمسي
القديم
بتلك الصورة المبتسمة
لأبي و أمي
بالأبيض و الأسود من على
جدران منزلي
المهدوم
علني يوماً أنسى حاضري
المؤلم
و أنسى غربة جسدي
المتعب
على باب التشرد
علني أتذكر إبتسامتي فوق
وجه نافذتي
مع العصفورة بذاك الصباح
بالأمس القديم
و لكني أستحي بخيبتي من
قدوم الموت باكراً
بشاحبة وجهي
المهزوم
تعاشرني أقزام الشياطين
بضعفي
و تأسرني جدران الغرف
بوحدتها القاسية
فأنام واقفاً على صدى ضجيج
صمتي
أحلم بأني كطير حرٌ
احلق فوق الضباب و دخان
البشر
أحضن رحمة السماء
فرحاً
و في ثواني أقع من حلمي
جريحٌ و كئيب
ثم أنظر في المرآة
لنفسي
لا أجد في المرآة
سوى السراب
فأتذكر مسامير الغربة
تدق بجسدي
سمومها
و لم أعد لأسترد أنفاسي
بمنفاي العتيق
أنا قد تهت منذ
البعيد
بين رائحة دخان
احتراقي
أنا كالغريب الكفيف أصارع
فقط
غبار الدروب الضائعة
بوحدتي
بأحرف القصيدة الناقصة
العناوين
أنا لست سوى جرحاً
عميقاً
أغوص ببحر آلامي
فوق أوراقي
المحترقة
لأنجو من طعنة
غادرة
حتى لا يسكنني جرحٌ
جديد
فأنتظر أن أنام فوق
ظلي
ليحملني في غدي
بلحظةّ عابرة
لأسافر بسقوطي الموجع
بموكب الرحيل
الأبدي
بغضب نعشي المتمرد
فأنا لم أعد أنا
بظلم و سواد
رحلتي
بهذا الزمن
المر
بل أنا مجرد ذكرى
دخان احتراقي
و لم يعد يهمني ما تبقى
من ذاكرتي
لأحيا بها مع
القصيدة
بطريق سفري الأخير .....
سفر و دخان
مصطفى محمد كبار
حلب سوريا 7/4/2021
تعليقات
إرسال تعليق